استفتاء كردستان.. عقبات على الطريق 

استفتاء كردستان.. عقبات على الطريق 

رجائي فايد

رجائي فايد

16 يونيو 2017

تصاعدت الاعتراضات على إعلان تنظيم استفتاء في 25 /9 القادم، داخليا وإقليميا ودوليا، مما يجعلنى أراجع ماذكرته في كلمتى السابقة حول توقع الإجماع الكردى على الموافقة على الاستقلال، فمن ساعة لأخرى يستجد جديد على الساحة، وحسب ماوصلنى من معلومات لم أتأكد من صحتها فإن عمليات استبيان رأى جرت واتضح أن هناك نسبة كردية وصلت إلى 32% سترفض الموافقة على الاستقلال، وربما كان ذلك إن ثبتت صحته يشير إلى تأثير الاعتراضات الذاخلية والإقليمية والدولية على الداخل الكردى، وتخوف الأكراد (أو بعضهم) من نتائج هذه الخطوة والتى يراها البعض غير محسوبة على مصيرهم. 

 

ففي أنقرة وصفت وزارة الخارجية التركية، قرار الإقليم الكردي حيال تنظيم استفتاء الانفصال عن العراق بـ(الخطأ الفادح)، وأكدت الخارجية في بيان لها، (أن الحفاظ على سلامة أراضي العراق ووحدته السياسية، على رأس أولويات السياسة التركية الخارجية)، وأوضح البيان أن (تركيا نقلت قلقها وموقفها من الاستفتاء للحكومة المركزية في بغداد وللإقليم الكردي وأهم الدول الفاعلة في المجتمع الدولي)، وشددعلى أن تركيا (أكدت أن استفتاء الانفصال لن يصبّ في صالح العراق مثلما أنه لن يكون أيضًا لصالح الإقليم الكردي)، وأضاف أن (الاستفتاء سيزيد من مستوى عدم استقرار المنطقة الني تشهد تطورات هامة في الوقت الراهن، وسيكون له عواقب سلبية). 

 

ولفت البيان إلى أن أهم قضية مطروحة أمام العراق في وقتنا الحالي، الذي قطع شوطا هاما في مكافحة داعش والذي يبدو أنه سينجزه قريبا، (هو تأسيس الاستقرار الدائم وإعادة إعمار البلاد، وتسوية الضرر الإنساني والسياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي خلّفه التنظيم)، ونأتى إلى الدولة الإقليمية الثانية وهي إيران والتى دخلت على خط الأزمة لتزيدها إشتعالاّ، ووجهت تحذيرا شديد اللهجة للأكراد بمعاقبتهم (!)، حال الاستمرار في مشروع الانفصال عن العراق. وتزامن التحذير الإيراني مع تهديد البرلمان العراقي باستخدام القوة العسكرية لمنع إجراء هذاالاستفتاء، كما قال بهرام قاسمي، المتحدث باسم الخارجية الايرانية، في تصريح صحفي، ان (إقليم كوردستان جزء من العراق الفدرالي، وأن قرار المضى إلى الاستفتاء هو قرارمنفرد وخارج عن المعايير والأطر الوطنية والقانونية، لا سّيما الدستور)، وأكد بهرام موقف بلاده (المبدئي والواضح في دعم سيادة العراق ووحدة اراضيه)، أما عن الدائرة الدولية، فقداعتبرت الحكومة الألمانية، أن الإقليم الكردي في العراق (يلعب بالنار)، بإعلانه إجراء استفتاء من طرف واحد على الانفصال. 

 

جاء ذلك في مؤتمر صحفي عقده المتحدث باسم الحكومة الألمانية، مارتن شيفر، وقال شيفر (من يقوم بتغيير الحدود في المنطقة دون موافقة الآخرين، أو من يدخل في لعبة من قبيل إنشاء دولة جديدة، فإنه يلعب بالنار)، كما كان لبريطانيا هي الأخرى رأيها في ذلك، فقد أعلن وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون أن بلاده حثت حكومة إقليم كردستان على (وقف إجراءات الاستفتاء على استقلال الإقليم لأنها ستؤثر سلبا على المعركة الجارية ضد عصابات داعش الإرهابية)، واستطرد(نحن نتفهم تطلعات الشعب الكردي ونواصل دعمهم سياسيا واقتصاديا، لكن الاستفتاء في هذا الوقت سيصرف الانتباه عن الأولويات الأكثر إلحاحاّ في هزيمة داعش واستقرار المناطق المحررة)، وأضاف إن(إجراء الاستفتاء أو أي مبادرة أخرى بشأن الاستقلال يجب أن تحظ بموافقة بغداد قبل كل شيء وأن التحركات بشأن الاستقلال من طرف واحد ليست في مصلحة شعب إقليم كردستان أو العراق أو في مصلحة الاستقرار الإقليمي الأوسع). 

 

أما موقف روسيا من ذلك فقد جاء على لسان ماريا زخاروفا المتحدثة باسم الخارجية الروسية في مؤتمر صحفى قالت فيه(إن تصريحات قادة إقليم كردستان العراق حول إجراء استفتاء بشأن حق تقرير المصيرلفتت انتباهنا، إن روسيا تدعوإلى دعم وحدة أراضى العراق واحترام ومراعاة الحقوق المشروعة لجميع الطوائف والمجموعات القومية دون شروط). 

 

ونأتى إلى موقف الولايات المتحدة الأمريكية وهو الأهم على الإطلاق، وكى نؤكد على أهميته فإننا نذكرماحدث إبّان نشوب أزمة الخلاف على رئاسة الإقليم، على أساس أن المدة القانونية للرئيس مسعود البارزانى قد انتهت، فقد ذهب وفد من الأحزاب الكردية المعارضة إلى بغداد وطالبوا السفير الأمريكى بضرورة تنظيم استفتاء للرئاسة، هنا قال السفير بشكل قاطع(ليس هذا وقته)وانتهى الأمر ولم يعد هناك صوت يتحدث في مسألة مشروعية الرئاسة، الولايات المتحدة كلمتها قاطعة في الشأن الكردى على وجه التحديد، وقالت الولايات المتحدة كلمتها بشأن هذا الاستفتاء، ففي الموجز الصحفى اليومى للمتحدثة باسم الخارجية الأمريكية هيذر نويرت، أجابت على أسئلة الصحفيين بشأن هذا الاستفتاء قائلة(أن بلادها تدعم عراقًا موحدًا مستقرًا وديمقراطيًا)، مبينةّ أن (الاستفتاء شأن عراقي داخلي)، وأضافت: (لدينا أصدقاء في في الإقليم الكردي، ولدينا أيضًا أصدقاء داخل الحكومة العراقية؛ ولكن ينبغي علينا أولًا إلحاق الهزيمة بتنظيم داعش، وعقب تحقيق هذا الهدف يمكن مناقشته لاحقًا)، وأكدت على أن (الولايات المتحدة تدعم وتتفهم تطلعات الشعب الكردي العراقي)، ولفتت إلى أن بلادها نقلت (إلى مسؤولي الإقليم الكردي قلق واشنطن حيال تنظيم استفتاء حتى ولو كان غير ملزم إذ من شأنه أن يبعدهم عن أولوية هزيمة تنظيم داعش الإرهابي)، وأردفت إن (أولويتنا هزيمة داعش، وإرساء الاستقرار، وإعادة النازحين إلى مناطقهم، والسيطرة على الأزمة الاقتصادية في المنطقة، وحل نزاعاتها السياسية)، وختمت بالقول (إن مسؤولي بلادها، على تواصل مع الحكومة العراقية في هذا الإطار). 

 

تلك هي المواقف المحلية والإقليمية والدولية من مسألة تنظيم هذا الاستفتاء، فهل في مقدرة رئاسة وحكومة أربيل الإقدام على تنفيذ ماأعلنته متحدية موقف كل تلك القوى؟